
و في عام 1703 عمل مدة قصيرة عازف كمان في أوركسترا دوق فايمار، و بعد أشهر قليلة أصبح عازف أورغن في كنيسة ارنتات حيث بدأ كتابة أول مؤلفاته الموسيقية الدينية، و في عام 1707 انتقل إلى مدينة مولهاوزن كعازف أورغن في كنيستها، و بعد عودته إلى فايمار كتب أول أعماله الشهيرة للأورغن مثل "المغناة" (التوكاتا) "الفوغة" (الشلل) وفي عام 1716 ترك فايمار ليصبح قائد فرقة موسيقى الحجرة عند الأمير ليوبولد في مدينة أفهالت-كوتن، حيث كان الأمير نفسه يعزف على فيولا الساق في الفرقة الموسيقية بقيادة يوهان سباستيان نفسه، و في هذه المدينة استطاع أن يتحرر من الخدمة الكنسية متابعا التأليف الموسيقي للآلات، فكتب معظم الأعمال المهمة لها و منها ست " حوريات براندنبورغيه " عام 1721 سميت كذلك لأنها كانت مكرسة لأمير براندنبورغ.
و في عام 1723 استقر في مدينة لايبزيغ لمدة ربع قرن قام بعدة رحلات فنية قصيرة إلى بعض المدن الألمانية تعرف في اثنائها على أشهر الموسيقيين فيها آن ذاك، كما التقي الملك فريدريك الكبير عام 1747 و قدم له قطعة "هدية موسيقية" و هي ذات موضوع من تأليف الملك ذاته، وقبل نهاية حياة يوهان سباستيان بوقت قصير، بدأ بصره يضعف تدريجيا حتى أنه كان فاقد البصر تقريبا حتى وفاته، دفن في كنيسة القديس يوحنا ثم نقل ما تبقى من رفاته عام 1894 إلى كنيسة سان توماس ولاء له و تقديرا.
ألف يوهان سباستيان في جميع أنواع الصيغ المويسيقية المعروفة في زمنه، عدا الأوبرا، و كان مذهبه الديني البروتستانتي الألماني أساسا لمعظم أعماله الموسيقية، و نتاجه الفني زاخر بعشرات المئات من القطع الموسيقية المختلفة الصيغة، كما كتب نحو خمسين مغناة نيوية، و لموسيقى الأورغن عند يوهان سباستيان عناية خاصة، إذ ألف لهذه الآلة الكثير من القطع الموسيقية من نوع الفانتزي و البريلود ، و الفوغة و السوناتا، بالإضافة إلى اهتمامه الشديد بالآلات من ذوات الملامس ولا
سيما الكلافان منها، فقد كتب لها الكثير من القطع الموسيقية لآلة واحدة أو عدة آلات منها معا في كثير من الصيغ الموسيقية المختلفة إضافة إلى عدد لا بأس به من الكونشرتو، و من أهم الأعمال التي كتبها لهذه الآلة هما الجزآن بعنوان " الكلافان" "العدل جيدا" ألفهما على التوالي عام 1722، 1744 و نشرا عام 1799 ، و يحتوي كل جزء منها على 24 بريلود و فوغه في السلالم الأربع و العشرين-الكبيرة و الصغرى- في السلم المعدل الذي أصبح أساسا لجميع أنواع الموسيقى العالمية، و من أعمال يوهان المهمة للآلات أيضا كتاب " فن الفوغة" ألفه في أواخر حياته (1749-1750) و لم ينجزه ، و هو يتألف من قطع موسيقية من نوع الأتباع (الكانون) و الفوغة ، لم تكن مخصصة لآلة موسيقية أ
و لمجموعة آلية ما.
عدت موسيقى يوهان سباستيان باخ في القرن الثامن عشر معقدة و قديمة الأسلوب مقارنة مع الأشكال الموسيقية الجديدة المقدمة من قبل الموسيقيين الآخرين ، و يعود الفضل إلى مندلسون الذي اكتشف عام 1829 عبقرية سباستيان في مؤلفاته " الآلام كما هي عند القديس ماثيو" التي ألفت قبل قرن من ذلك، و على أثر ذلك قدره جميع الموسيقيين ، و أدى هذا العمل و كثير من المؤلفات الأخرى له إلى تأسيس جمعيات موسيقية كثيرة نحمل اسمه منها "جمعية باخ" في لندن عام 1870، و تأسست كذلك في لايتزنغ عام 1805 " جمعية باخ" التي باشرت بنشر جميع أعماله الموسيقية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. و يمكن القول، أن طبيعة القديم و الجديد في موسيقى يوهان سباستيان بارزة المعالم و تؤسس تميزا تاريخيا بقي متبعا حتى القرن العشرين
.